رصد موقع “برلماني”، المتخصص في الشأن التشريعى والنيابى، في تقرير له تحت عنوان: “النقض تضع ضوابط الإدانة في جرائم الإتجار في النقد الأجنبي”، أستعرض خلاله حكما قضائيا صادرا من محكمة النقض، فريدا من نوعه، بإلغاء حكم سجن متهمين لمدة 5 سنوات، لاتهمامهما بالاتجار في النقد الأجنبي، وبتغريم كل منهما مبلغ وقدره مليون جنيه عما اسند إليهم من اتهام، وأمرت بمصادرة المبالغ المالية، والهاتف المحمول المضبوط وألزمتهم بالمصروفات الجنائية، والقضاء مجددا ببرائتهما، رغم عظم المبالغ المضبوطة، ورغم أقرار أحد المتهمين على أحدهما، ورغم وجود سوابق مماثلة للمتهمين، ورغم تقارب المبالغ المصرية مع العملة الأجنبية، وتضع ضوابط الإدانة في جرائم الإتجار في النقد الأجنبي، وذلك في الطعن المقيد برقم 9623 لسنة 92 قضائية.
لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم لا يكفي لإثبات تعامل الطاعنين في أوراق النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وعن غير طريق المصارف المرخص لها بذلك، لما كان ذلك، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال والتخمين، كما أنه من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته، صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من تحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها حكماً لسواه.
وكان من المقرر أن تحريات الشرطة ليست كلها صحيحة وليست كلها لها سند من الأوراق وليس كل ما يشاع عن الناس يصادف الحقيقة والصدق، فالواقعة الواحدة يختلف الناس في تفسيرها وفى رؤاهم عنها، وكان من المقرر كذلك أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة، إلا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب، إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد، حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات.