الدكتور محمد عبد الوهاب.. يكتب : المقاطعة ليست أضعف الايمان

الدكتور محمد عبد الوهاب.. يكتب : المقاطعة ليست أضعف الايمان

يمر العالم اليوم بحالة من الهذيان الفكري والتخبط، وبينما يتعايش الغرب اليوم مع الإزدواجية في تطبيق القانون الدولي وحقوق الانسان التي طالما ما عبئوا الدنيا ضجيجا واهمين العالم الثالث آنهم مدافعين عن حقوقهم، إلا أنهم وفي كل مره يتساقط عنهم ذلك القناع الخبيث الذي خبأ تحت عباءته الأهداف الحقيقية وهي مصالحهم الاقتصادية.

إنه الاقتصاد أيها السادة الآلة التي حركت دوما عجلات الحرب.

فالاقتصاد هو المحرك الرئيسي لكل شيء علي كوكب الأرض فمن يملك قوته ودوائه فقد حكم العالم من حوله.

ولذا كان الآمر الإلهي بالإعداد حيث قال الله في كتابه الكريم : ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾ صدق الله العظيم.

والمقصود بالقوة هنا ليست القوة العسكرية فقط، لكن إعداد كافة الأدوات التي تعين على تحقيق النصر وفي المقدمة يكون الاقتصاد.

لذلك فإن ما نعيشه اليوم من دعوات للمقاطعة يجب أن تستمر وبقوة ليس لتأثيرها المباشر على الغرب وقد رأينا ذلك سابقا وقت مقاطعة المنتجات الفرنسية وخروج الرئيس الفرنسي وقتها متوسلا لكل حكومات الدول الإسلامية لوقف دعوات المقاطعة نظرا للخسائر الكبرى التي تكبدها الاقتصاد الفرنسي حيث تمثل صادرات فرنسا للعالم الإسلامي وقتها ٩٪ من الناتج القومي الإجمالي.

واليوم يعيد التاريخ نفسه ومع بدأ الحملة الإرهابية للكيان الصهيوني على قطاع عزة واستخدامهم للقوه الغاشمة وضرب المستشفيات، المدارس، المساجد واستهداف المدنيين ووقوع اكثر من ٧٠٠٠ شهيد من قطاع غزة ، ومسارعة العديد من الشركات في إعلانها لدعم ذلك العدوان الإرهابي وهو ما قابله المجتمع العربي بدعوات قوية للمقاطعة لمنتجات هذه الشركات وغيرها من الشركات المعروف عنها تقديم دعم بشكل أو بأخر للحركة الصهيونية.

ليتعامل معه العرب باللغة التي يجيدونها وهي لغة المال والتي سرعان ما نجحت في تكبد العديد من تلك الشركات خسائر كبري نتيجة الحملة الناجحة لدعوات ا لمقاطعة.

ولكن لنتحلى بنوع من المصداقية في سرد الآمور فبالرغم من هبوط أسهم هذه الشركات إلا أن ذلك الهبوط يعزي إلى الكثير من الأمور الأخرى غير المقاطعة فتلك الشركات شركات قوية ماليًا تتمتع ببنية اقتصادية كبري وحتي تكون للمقاطعة أثر بين ونتائج يمكن القياس عليها فنحتاج لمدة لا تقل عن ٦ أشهر حتي يكون هناك أثر ملموس ولذلك يلعب الغرب علي “ذاكرة السمك” ويراهن الجميع علي سرعة النسيان وعودة الأمور أي ما كانت عليه من قبل، ولكن هذا الامر لا يمنع خوفهم من استمرار المقاطعة لذلك بدأ البعض منهم في خفض الأسعار في محاولة منه لجذب العميل مرة اخري اليه.

ولكن الجانب الأكثر إشراقاً في هذا الأمر هو الدعوات الموازية لتشجيع المنتج المحلي ووجود بدائل محلية ذات جودة عالية وسعر أقل وهنالك فرصة للخروج من عباءة الخواجة بعض الشئ.

وللنظر بعمق فيما يعانيه الوطن اليوم من أزمات ومشاكل كان في الحقيقة هو نتاج الاتكال علي الغرب في كافة ما نحتاج إليه، فالعجز الظاهر في الميزان التجاري، وميزان المدفوعات هو نتيجة الخلل في عملية الإستيراد حيث أننا بتنا نعتمد عليهم في كل شيء مما ضغط وبشكل غير مسبوق علي الاقتصاد الوطني وتسبب ذلك التوجه في إغلاق العديد من المصانع وتشريد اليد العاملة وأصبح المجتمع المصري والعربي هو مجتمع استهلاكي من الدرجة الأولى.
لذا فان دعوات المقاطعة وما تكبده لهم من خسائر كبيره تستوجب الاستمرارية حتي يدرك المال الغربي أننا لسنا أصحاب ذاكرة سمك وأن ما حدث ليس للنسيان وإنما هو بداية للعودة إلى التاريخ بكوننا أصحاب الفضل والأرض.

فلقد مهدت المقاطعة الأرض بل وأصبحت جاهزة الأن لرجال الأعمال الشرفاء ليعيدوا الإنتاج الوطني ومعه الاقتصاد المصري إلى ما كان عليه فلقد اصبح المستهلك المصري والعربي بل والمسلم جاهزًا الان لدعم منتج وطني ، واعتقد السوق الأن يظهر وبوضوح الإقبال علي المنتج المصري، ونطلب فقط منكم جودة في المقابل .

لذا الأمر لا يتطلب الكثير فالمواد الخام المتاحة واليد العاملة الرخيصة وعلي أجهزة الدولة استغلال تلك الأمور والحالة التي يعيشها المستهلك المصري والعربي وتدعم الصناعات المحلية وتقدم الحوافز علي الإنتاج وتقوم بتخفيض أسعار الطاقة وتخفض الضرائب وتسهل الإجراءات لتسريع البدأ الفوري في الإنتاج.

الفرصة سانحه الأن لندعم إخواننا ونضرب عدونا في أماكن موجعة وهو الاقتصاد وفي نفس الوقت ندعم اقتصادنا ليتخطى المرحلة الحالية .

ولنتذكر جميعا أنهم يراهنون علي عودتنا سريعا ومقاطعة المقاطعة فادعم إخوانك وأدعم اقتصاد بلدك واستمر في المقاطعة فرهانهم الوقت ورهاننا النصر.

فالمقاطعة ليست أضعف الايمان

admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *