أنور ابو الخير.. يكتب : ضمائر انتهت صلاحيتها

أنور ابو الخير.. يكتب : ضمائر انتهت صلاحيتها

عذرا أن صاح قلمي بهم فهو الرفيق الوحيد الذي اعتاد على أن يصرخ من أجل الحق مطالبا اياهم بأن يكفوا عن ملاحقة ماتمليه عليه عقولهم فالمال ينضب والعمر يمضي ولا يبقى الا العمل الصالح ودعوات للخير ممن يرى فيكم كل الخير للوطن
فنحن نعيش في زمن عجيب وغريب زمن اختلت فيه الموازين واصبحت مغلوبة ومقلوبة والكثير اصبح بلا ضمير وفقدت القيم والاخلاق وغطاها العفن والكثير قد عميت اعينهم عن رؤية الحقيقة وزال الحد الفاصل بين المروءة والضمير من جانب وبين الغش والخداع من جانب اخر وركب الكل سفينه الضمائر الميته
فلا تتصور ان فسد الضمير بأمكانك ان تميز الالوان وان تتذوق مذاق الثمار من كان لديه ضمير حي ونقي اليوم لايستطيع ان يمارس دور الرقيب او حتى لا يستطيع تهذيب الاخرين لأنه سوف يتعرض الى التهديد والوعيد وقد يدفع ثمن اعماله هذه حياته فشريعة الغاب هي السائده اليوم لقد فقدنا القدرة حتى على الشفقة والاحسان لأن الانسانية اصبحت غائبة
يقال ان الضمير الحي هو الجسد الحي وهذا تعبير خاطئ
فهناك من يملك الجسد الحي ولكنه بلا ضمير ان الضمير الانساني اساس كل انسان واساس تميزه عن الكائنات الاخرى
متى ما تصور الانسان وادرك انه كائن عابر ومؤقت على هذه الارض وان لكل شئ نهاية قد تسترد وتصحو بعض الضمائر التي مرضت او غابت الى جادة الصواب ان موت الضمائر هو فخ وجد للفاشلين والذين لا يحملون المبادئ الاخلاقيه السامية فهؤلاء من السهل اصطيادهم وترويضهم بما يريد الفاسدون
فمن خاف الله في نفسه وفي اهله وناسه وبلده سوف يظل ضميره صاحي يرافقه في كل حركاته وتصرفاته فالضمير هو عمود استقامة الفرد الذي يقوم عليه كل صحيح اما اذا بيع الضمير فهو بيع لشئ اسمه الانسان
وتذكروا جميعاً قول الله تعالى (ولاتحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار )صدق الله العظيم
فعندما تموت الضمائر يصبح كل شئ مباح ويكون كل شئ مهملاً ليس له معنى عندما تموت الضمائر يهتز عرش الانسانية يموت العنفوان والكبرياء تموت الضحكة البريئة ويحل محلها الضحكة الصفراء يموت الياسمين لكي ينبت مكانه الشوك والعليق يصبح كل شئ لا طعم له تصبح اشعة الشمس سوداء والوجوه كاحله وكالحه لا نور فيها ويصبح الحرام حلالاً ويصبح الانسان حيواناً في غابة الشر والحقد لأن هذه الضمائر قد اصبحت مستتره اصبحت نائمة اصبح لاقوة لها اصبحت اداة طوعية بأيدي اصحابها الاشرار يوجهونها كما يريدوا اصبح موت الضمائر حالة مزمنه الضمائر البشعه اليوم هي التي تسيدت المجتمع اما الضمائر النقية فقد انزوت واصبحت حالة شاذة في هذا المجتمع المريض اصلاً الكثير اصبح لا يميز بين الخطأ والصواب لأن الاحساس الداخلي قد فقد ومادام هذا الاحساس غير موجود اذن فالضمير مغيب
لقد اختلت الموازين واصبح الخير منكسر الشوكة وطغى الشر والاشرار والكل تتبع اهواء الشيطان فتكبر وتجبر الغلبة الغالبة اليوم لا تشعر بالندم حين تقوم بأعمال مخالفة للقيم والاخلاق وتجد في اعمالها هذه عين الصواب بغض النظر ان اساءت الى المجتمع او اثرت فيه لم نرى اليوم الكثير ممن تنبض ضمائرهم لأن ضمائرهم غير حيه وهناك فرق واسع بين الضمير الحي والضمير العادي فالضمير الحي هو ضمير ينبض ويتردد داخل الانسان اما الضمير العادي فهو ضمير قد يتقلب مرراً حسب الظروف لكن الضمير الحي هو الضمير الذي يجعلك لا تنام وانت مقصر مع الاخرين الضمير هو ذلك الجزء من الذهن المسؤول عن مسارنا الاخلاقي فهو الذي ينقل الينا كل شئ ويحذرنا من الاشياء المعوجة وعلى ضوء ذلك يصحح هذا الاعوجاج طبعا هذا اذا كان الانسان سوياً اما اذا كان غير ذلك فهذا يعني ان الضمير قد مرض ولم يستطيع توصيل مبتغاه الى الشخص ومرض الضمير هو مرض خطير جدا لأن انعكاساته سلبية ستكون على الفرد وعلى المجتمع
فمن يناصر الحق غير الضمير الحي فالحق كالسوق الكبيرة والعظيمة متاحه للجميع ولكن هناك فجوة كبيره في الضمائر فمن يمتلك ضميراً صادقاً يميل الى الحق ويجعل منه الهدف الاول والاهم في حياته سينجح في ذلك السوق ويقوده نحو النجاح يجب تنظيف الضمائر من كل الشوائب فأذا حاسبت نفسك كل يوم فيصبح كل شئ لديك ابيض ونقي وصافي هل هناك احد بلا ضمير ؟
الكل ولد بضمير نقي وصافي وابيض لكن الايام هي الكفيلة ببقاء هذا الضمير على بياضه او ستشوبه الشائبة لم يبق من الضمائر الحية الكثير فأغلبها قد دفنت وبقية حية بين طيات الكتب وبعض من احاديث الناس
فلا تفقدوهم أو تخسروهم فنحن من اختاركم لتكونوا ممثلين لنا وكلنا أمل وثقة بكم
فماذا تخسرون إن تركتم بصمة خير يستذكركم الناس بها تعيدوا للحياة مجدها وبريقها وتبثوا في الانفس الأمن والسعادة فلا تجعلوا من أبناء وطنكم أحجار نرد تلتقطونها لتكون بين أناملكم فتحققوا بها مصالحكم فنحن قلوب إذا احبت تخلص وإذا أعطت لا تنتظر المقابل
من يمتلك القيم والمبادئ لا تتغير نفسه بحبه وانتمائه لوطنه ولكن من يفقد تلك القيم لا يتعامل الا بابتسامة صفراء تكون مكشوفة للجميع
فدعونا نتعامل بإنسانيتنا التي نستمدها من ديننا الحنيف ولنأخذ العبرة مما يحدث حولنا في الدول المجاورة والتي انعدمت الانسانية فيها ولم يعد لها وجود على أرض الواقع وكأنها أصبحت صورة ذهنية رسمتها عقولنا فانسدل الستار وبدأت مسرحية الحياة حياة أناس ماتت ضمائرهم رحل الصدق كما لو أنه ضيف قصير الزيارة رحل الوفاء والإخلاص ودفنت الأمانة وسجنت الكرامة خلف القضبان كيف لا وفي جوف كل إنسان شوكة تخزه ليسبب الأذى والألم لمن كان له الجوار والجار والصاحب ولمن كان له كنز لاسراره
أتساءل هل هذه الحياة التي نرغب بها؟ حياة تلوثت بتلك الضمائر التي انتهت انسانيتها وانتهت معها صلاحيتها فعادت لا تنفع الا في زمن الغدر والنفاق
إلى متى سنبقى نقدم لهؤلاء ؟؟ لطالما فرشنا لهم الطريق ورود كنا لهم الدواء لجراحهم كنا لهم الحرية في زمن تقيد بسلاسل من حديد لأننا عهدناهم شموع تحترق من أجل العدالة والحق ومن أجل الإنسانية والوطن ولكنهم ظهروا بلباس ليس لباسهم كما لو أن الحياة غيرتهم وصنعوا لأنفسهم ما يليق بزيهم الجديد
نعيش زمناً غريباً موازينه مقلوبة وناسه أصبحت بلا ضمير ولا أخلاق ولا معنى لمعنى الإنسان للأسف قد تسكت عن خطأ واضح
قد تصمت وتتوارى عن فساد يستشري ويفسد المكان قد تعمى أعينها وبصيرتها من أن تنكر منكراً قد تصفق لأخطاء ولتمثيل وسيناريوهات ركيكة وعديمة المعنى والحوار الضمائر طالها الفساد لدرجة أنها لم يعد لها كيان يميزها عن غيرها من بشر فساد يستشري سريعاً يحتاج تدخلات لاقتلاعه ولمضادات وعلاجات قد يستدرك به ما يمكن علاجه
فالإنسان الذي لايزال يحمل جزءاً بسيطاً من ضمير حي يمكن أن ينمو ويصلح و يقول كلمة حق يحتاج من يذكره ويحتاج من ينصحه ويحتاج إيماناً يوقظه ويوقظ ضميره من سبات قد يطول وينسى فيه ذاته ويغيب ضميره وتضيع انسانيته في غياب الظلام والفساد يكون عندك ضمير حي أو لايزال حياً عندما تتألم لفساد بدا يستشري في جهات وإدارات يكون لديك ضمير حي عندما لا تقف صامتاً ولا تتوارى بعيداً ويكون لديك ضمير وبصيرة عندما تنكر المنكر وتقول الحق وتوصله بوسائل وطرق لأصحاب القرار ولا تخشى في الله لومة لائم
عندما يكون عندك ضمير تنصر مظلوما وتقف مع ضعيف
عندما يكون عندك ضمير لم ينم ولم يغب ولم يصب بالصم والبكم عندما تضع مصلحة الوطن والمواطن أمام نصب عينيك وتحرص على المال العام والمصلحة العامة يكون عندك ضمير عندما لا تسمح لنفسك لسلب حقوق غيرك وأنت تعلم أنها ليست حقا لك يكون عندك ضمير إنساني عندما تدرك قدراتك وتعرف مسؤولياتك وواجباتك وتتحدث بنحن وليس بمصلحتك والانا يكون عندك ضمير نقي عندما تمارس دور الرقيب من غير تهديد وتكون مواطناً صالحاً وتفكر في المصلحة العامة ومصلحة أجيال وأجيال
فالضمير عندما يصاب بالضعف والوهن ماذا يمكن أن ترتجي منه؟
الضمير عندما يفسد ماذا يمكن أن ننتظر لون ومذاق وفائدة وجودة الثمر؟
الضمير عندما يغيب ماذا يمكن أن تنتظر من كلمة حق وحقوق؟
الضمير أمانة إن وجدتها في إنسان وجدت الخير وأن الدنيا لايزال فيها الخير متى كان عندك ضمير نابض حي اسجد لله شكراً وحمداً أن فساد الضمائر لم يصلك ولم يطأ مكانك ويأتيك بمغريات وأشكال والألوان وتكون ضمن فئة عدمت منها الإنسانية والأخلاق
فلنراجع ضمائرنا ولندون أخطائنا فليس عيبا أن ننقح أنفسنا فكلنا أخطاء وللناس ألسن

admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *