الدريني يكتب : ما هو أبعد من حسام البدري…
بقلم : أحمد الدريني
ما هو أبعد من حسام البدري..
المشكلة ليست في حسام البدري كشخص، بل في كل حسام بدري متواضع القدرات أو عاديها جدا.. يوضع في مكان حساس.. في شركة أو وزارة أو سوبر ماركت أو داخل نطاق أسرة.
-أحيانا يكون المطلوب للدور شخص شديد العادية، لايتحول لنجم ولا لمركز قوى مهما كانت الظروف. أيا كان الثمن المدفوع في سبيل الحفاظ على المنصب مشغولا من قبل شخص شاحب باحت.
-أحيانا يكون المطلوب شخص تسهل السيطرة عليه، وعاديته هي الجدار الذي سيرتطم به فلا تكتمل ثقته في نفسه ولا ثقة الآخرين فيه، فيخوض التجربة باستقلال ويحيد عن المرسوم له ممن هو أعلى منه.
لابد أن يكون دون الموضع.. بالأحرى ألا ينجح وألا يفشل بصورة صارخة منذ البدايات.
-أحيانا يكون المطلوب هو الحشو، وتسويف الحل الجذري، واستهلاك الوقت.. لذلك ستجد في كل مكان “حسام بدري”.. طالما كانت الثقافة العامة هي التعايش مع الضرر لا الحسم معه.
-أحيانا رغم بلادة كل حسام بدري ورغم فشله، أو رغم عاديته في أفضل الظروف (والعادية ليست عيبا بالمناسبة! لكنها لايبنغي أن تقفز بك إلى حيث ينبغي أن يقف المتميزون أو العباقرة أو الناجحون والمخضرمون، وإلا ظلمت نفسك وظلمت الموضع الذي ستقف فيه مادمت عاديا في هذا المضمار)..
إلا أن هذا البليد أو العادي.. يجيد مغازلة ومخاطبة شيء ما في دقائق نفوس وعقول من بيدهم الأمر.
هو مجرد من كل موهبة وخبرة وتميز.. لكنه رغم افتقاره لكل مقوم، إلا أنه يجيد مخاطبة هذه الأهواء وإرضاء هذه العقول.. وتوفير موضع آمن لنفسه معهم!
-أخيرا: العادية في كرة القدم أو في فيزياء الفضاء.. ليست عيبا. ليس إشكالا أن تكون عاديا في مجال عملك وتكون أبا رائعا أو جارا محترما أو ناشطا في العمل الخيري لا مثيل له. ربما تكون حسام البدري في كرة القدم لكنك لو خضت تجربة الإخراج السينمائي ستتحول إلى تارانتينو..
العادية ليست عيبا.. العيب أن تترك نفسك -حيث تدرك فقرك المحض- لتسود حيث لا سيادة إلا لحاذق مجرب.
ثقافتنا كمجتمع وكأسرة وكأجواء عامة.. أن نُثمن هذا الصنف.
هذه اختياراتنا.. لذلك هذا هو وضعنا العام..
من أول المكوجي والسباك وصولا لمدرب المنتخب ومرورا بالمحافظ والوزير..
أن يكون العادي المضمون خير من سواه.. مهما كان اللافعل واللاتقدم واللاحراك.