وانهد ركن آخر! بقلم : أ. د / محمد إبراهيم العشماوي. أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر.
– توفى منذ قليل – شهيد الوباء؛ شيخنا العلامة، الفقيه، المحقق، المتقن، المتفنن، الزاهد، الورع، القدوة، العالم، العامل، أستاذ الأساتذة، وعلم الجهابذة، شيخ المالكية في الأزهر – سنا وعلما – الأستاذ الدكتور أحمد طه ريان، الأقصري مولدا، القاهري موطنا، الأزهري تعلما، الأشعري عقيدة، المالكي مذهبا، الخلوتي مشربا وطريقة؛ عن عمر ناهز إحدى وثمانين سنة!ولد رحمه الله في الأقصر من صعيد مصر عام 1939 وحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، والتحق بالأزهر الشريف، حتى تخرج في كلية الشريعة والقانون، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه، وعين مدرسا بها، ثم ترقى في السلم الوظيفي حتى صار أستاذا، ثم شغل منصب رئيس القسم، وعميدا لكلية الشريعة والقانون بأسيوط، وسافر إلى العديد من الدول كاليمن والإمارات، وعمل وكيلا لكلية الإمام مالك للشريعة والقانون بدبي، وترأس موسوعة الفقه الإسلامي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وكانت له إسهامات إذاعية كبيرة في برامج الفتاوى عبر إذاعة القرآن الكريم، وامتازت فتاواه بأنها محررة على طريقة الفقهاء القدامى، مع مزجها بفقه الواقع المتغير!وقد تصدى رحمه الله للتدريس والإقراء في أروقة الجامع الأزهر والمضايف العلمية المنتشرة حوله، وكان يقرئ في علوم مختلفة، في الحديث والفقه والأصول، وكانت إحاطته بالفقه المالكي كأن المذهب بين عينيه!واختير عضوا بهيئة كبار العلماء، فتزينت بانضمامه إليها!وكان شجاعا يقول كلمة الحق – في عفة لفظ وسمو معنى – لا يخشى في الله لومة لائم!وكان لصوته نبرة تشعر بأنه ممن يخشى الله ويتقيه!وكان – وهو في هذه السن العالية – يعمل في الكنترول كأصغر معيد، بهمة عالية، وعزيمة لا تعرف الفتور!وظل يدعو إلى الله تعالى على بصيرة، ويتصدى للتأليف والتعليم والإفتاء؛ حتى آخر نفس من أنفاس حياته المباركة!ومن بحوثه العلمية: المسكرات وعقوبتها في الشريعة الإسلامية، المخدرات بين الطب والفقه، تعدد الزوجات ومعيار العدل بينهن في الشريعة الإسلامية، ضوابط الاجتهاد والفتوى، فقهاء المذهب المالكي، سنن الفطرة بين المحدثين والفقهاء، ملامح من حياة الفقيه المحدث الإمام مالك بن أنس، البيوع المحرمة وأثرها في تعامل المصارف، التعليق الفقهي على مدونة الإمام مالك، بريد الإسلام في الفتاوى، الرد على الفكر العلماني، تذكرة الأحباب فيما يجب علينا من حماية المسلمين من فتنة المال.وذكر أخونا المبارك الشيخ محيي الدين الإسنوي أن الشيخ رحمه الله تتلمذ على يد شيخنا الإمام محمد زكي الدين إبراهيم، رائد العشيرة المحمدية، وصحبه في صدر شبابه، وكان قارئ القرآن في درس التفسير له، بمنزله في سليمان باشا، فحصلت له بركة هذه الصحبة!وينبغي للأزهر الشريف، وللمؤسسات التي عمل بها، ولتلامذته المقربين منه؛ أن ينعوه للأمة نعيا يليق بمكانته، وحسن أدائه لرسالته، رحمه الله تعالى ورضي عنه.اللهم إن أحيا غيرنا ذكر الفاسدين؛ فأحي بنا ذكر الصالحين!
كما نعاه الكاتب احمد ابراهيم احمد ابن بنى مزار وصاحب كتاب جمهرة علماء الازهر بصعيد مصر فكتب قائلا :
إنا لله وإنا إليه راجعون.رحم الله العلامة الفقيه، بقية السلف الصالح، شيخ المالكية، الزاهد الورع، فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد طه ريان، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، العميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون بأسيوط،ورئيس موسوعة الفقه الإسلامي بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية .شارح (صحيح الإمام البخارى) في الجامع الأزهر الشريف. كان من بركات شرحه لصحيح البخاري، قال رحمه الله:كنت ألقي درسًا في رواق المغاربة في الجامع الأزهر الشريف العظيم الفخيم، فجاءتني امرأة عقب الدرس وقالت: والله يا شيخ لقد رأيت رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – على باب الرواق ينظر إليك وإلى مجلسك ويبتسم. تقبله الله في الصالحين وألحقه بالنبيين والصديقين.وإنا لله وإنا إليه راجعون