رحيل موجع … بقلم : ا . د . محمد ابراهيم العشماوى

رحيل موجع  … بقلم : ا . د . محمد ابراهيم العشماوى
د-ياسر-شحاتة

إلى رحمة الله ورضوانه.

بلغنا – منذ قليل – نبأ وفاة شيخنا وأستاذنا العالم المحدث الداعية المربي، الشيخ الأستاذ الدكتور ياسر محمد شحاتة، أستاذ الحديث الشريف وعلومه في كليتنا أصول الدين بطنطا، شهيد الوباء، ليلة الجمعة، عن نحو ستين عاما، قضاها في خدمة السنة النبوية الشريفة بحثا وتدريسا وتأليفا وإشرافا ومناقشةً، وفي الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة!

وكان قد وقع في روعي منذ يومين أنه قد دنت وفاته!

وكان – رحمه الله – هينا، لينا، سمحا، متواضعا، كريما، لا يبخل على أحد بنصيحة أو بمشورة، وقد درس لي، فكان نعم المعلم والمربي!

وكان صاحب دين، نقي القلب، طاهر السريرة، محبا للسنة، غيوراً عليها، في وجهه نضرة أهل الحديث!

وهو من مواليد قرية الكرسة، إحدى قرى مركز طنطا، حفظ القرآن الكريم، والتحق بالأزهر الشريف، حتى حصل على الإجازة العالية في كلية أصول الدين، تخصص الحديث الشريف وعلومه، وعين معيداً، فمدرسا مساعدا، فمدرسا، فأستاذا مساعدا، فأستاذا، فرئيسا للقسم، فوكيلا للكلية، فرئيسا لقطاع أصول الدين بكلية الدراسات العليا، وهو آخر المناصب التي تولاها!

وكانت رسالته للدكتوراه – فيما أظن – (النسخ في الكتب الستة).

وأعير إلى جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، فمكث فيها نحو خمس عشرة سنة، ربى فيها تلاميذ أفادوا من علمه وخلقه!

وكان – رحمه الله – بارعا في التخصص، عارفا بدقائقه، محيطا بأسراره، على دراية تامة بكل جديد، فأفاد باحثيه أيما إفادة!

وقد جرى بيني وبينه شيء بسبب الخلاف على بعض الأمور العلمية والإدارية في القسم، للمصلحة العامة، فما رأيته حاد فيه عن مكارم الأخلاق!

وقد درس لي مادة التخريج، كما درس لي من تأليفه كتابه (فتح المتعال في علم المصطلح والرجال)، وكان أسلوبه في الشرح يمتاز بالسهولة والبساطة والقدرة على الإفهام!

وأذكر أنني ألفت منظومة في علم التخريج، وشرحتها؛ وأنا في السنة النهائية، وسميتها (الروض البهيج، شرح منظومة العشماوي في فن التخريج)، وكنت أجيب عن كل سؤال في الاختبار بأبيات منها، فلقيني بعد ظهور النتيجة، وقال: لقد عرفت ورقة إجابتك، ومنحتك الدرجة النهائية!

لكن من صاحب هذه المنظومة التي كنت تنقل منها في ورقة الإجابة؟

فقلت له: أنا!

فابتسم، وقال: بارك الله فيك، سيكون لك – إن شاء الله – شأن عظيم!

ومن جميل ما سمعته منه إذ كنت طالبا؛ ما أنشدناه لغيره، يصف حنان الأم رغم قسوة الأبناء:

أغرى امرؤ يوما غلاما جاهلا
بنقوده حتى ينال به الوطر!

قال: ائتني بفؤاد أمك يا فتى
ولك الدراهم والجواهر والدرر!

فمضى فأغمد خنجرا في صدرها
والقلب أخرجه وعاد على الأثر!

لكنه من فرط سرعته هوى
فتدحرج القلب المقطع إذ عثر!

ناداه قلب الأم وهو ممزق:
ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر؟!

رحمه الله رحمة واسعة، وأنزله منازل الأبرار، وشفع فيه خدمته لسنة النبي المختار صلى الله عليه وسلم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

#الخواطر_العشماوية

admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *