الوشاية … بقلم / وليد عماشه مدرس العلوم الشرعية بمعهد فتيات بهوت الإعدادى الثانوى
الوشاية مرض من أمراض القلوب يصاب به ناقصو العقول، وضعيفو الإيمان، ، قليلو العلم، حتى يتمكَّن منهم،فتصبح الوشاية عادتَهم وديدنهم وخلاقهم وشأنهم كلَّه، وهى خلق ذميم وسلوك مرفوض لأنه يؤدى إلى قطع الأواصر وتفكيك وحدة الصف والإيقاع بين الناس ، وهى شوكة في أمن هذا المجتمع ومرض يهدد تلاحمه. وقد عاب القرآن الكريم صنيعهم هذا فى قوله تعالى ” هماز مشاء بنميم” (القلم 11) قال الرازى الهماز العياب الطعان ، وقال المبرد : الذى يهمز الناس أى يذكرهم بالمكروه ….وكونه مشاء بنميم : أى يمشى بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم . ولذلك استحق هذا الشخص أن يكون جزاؤه من الله الويل يقول الله تعالى ” ويل لكل همزة لمزة ” (الهمزة 1) وتُعَدُّ قوة الإيمان أقوى الوسائل المتاحة للإنسان المسلم ليستخدمها في مواجهة الوشاية فكلَّما زاد إيمان المسلم وقوي كان أقدر على مواجهة الشدائد، ، وكلَّما ضعف إيمان المسلم كان عرضة للهزائم أمام الشدائد. قال لقمان الحكيم لابنه: “يا بني، إني مُوصِيك بخلال إن تمسَّكت بهن لم تزل سيدًا: ابسط خلقك للقريب والبعيد، وأمسك جهلك عن الكريم واللئيم، واحفظ إخوانك، وصِل أقاربك وأمنهم من قبول قول ساعٍ (واشٍ) أو سماع باغٍ يريد فسادك ويروم خداعك، وليكن إخوانك مَن إذا فارقتهم أو فارقوك لم تعبهم أو يعيبوك” وفي الحِكَم العربية من نقل إليك فقد نقل عنك” مَن نمَّ لك نمَّ عليك إن نشر الشائعات دائمًا لا يعدو كونه اعترافًا شخصيًّا، إما بالمكر والخبث، أو الحماقة التامة، وعلى الشباب ألا يزدروها فحسب، ولكن أن يوطِّنوا أنفسهم ويهذِّبوها على مقاومة إغرائها، إنها عمل وضيع تافه وقذز ويُروَى أن حكيمًا من الحكماء زاره بعض إخوانه، فأخبره بخبرٍ عن غيره، فقال له حكيم: قد أبطأت في الزيارة وأتيتني بثلاث جنايات: الأولى: بغَّضت إلي، والثانية: شغلت قلبي الفارغ، والثالثة: اتهمت نفسك الأمينة. وأهم أسباب الوشاية :- الحقد والحسد والكراهية ومن أوضح النماذج على ذلك أنه كان رجلٌ يغشى بعض الملوك؛ أي: يدخل عليه، فيقوم بحذاء الملك؛ أي: في مقابلته، فيقول: أحسِن إلى المحسِن بإحسانه، فإن المسيء ستكفيه إساءته، فحسده رجل على ذلك المقام من الملك والكلام بين يديه، فسعى به إلى الملك، فقال: إن هذا الذي يقوم بحذائك زعم يقول: إن الملك أبخر – وهو الذي فسد ريح فمه – فقال له الملك وكيف يصحُّ ذلك عندي؟ قال: تدعو به إليك إذا أخذ مقامه، فإنه إذا نادمك يضع يده على أنفه لئلاَّ يشمَّ ريح البخر، فقال له: انصرف حتى انظر صحة ذلك، فخرج من عند الملك، فدعا الرجل المذكور إلى منزله، فأطعمه طعامًا فيه ثوم، فخرج الرجل من عنده، وقام بحذاء الملك، فقال على عادته قوله: أيها الملك أحسِن إلى المحسِن بإحسانه، فإن المسيء ستكفيه إساءته، فقال له الملك: ادنُ مني، فدنا، فوضع يده على فيه مخافة أن يشمَّ الملك منه ريح الثوم، فقال الملك في نفسه: ما أرى فلانًا إلا قد صدق في قوله، وكان الملك لا يكتب بخطِّه إلا بجائزة أو صلة، فكتب له كتابًا بخطِّه إلى عامل من عمَّاله: إذا أتاك حامل كتابي فاذبحه واسلخه واحشُ جلده تبنًا وابعث به إليَّ، فأخذ الكتاب وخرج، فلقيه الرجل الذى سعى به فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال : خطَّ الملك لي بصلة ،: فقال: هبْه منِّي، فقال: هو لك، فأخذه ومضى إلى العامل فقال العامل: في كتابك أن أذبحك وأسلخك، قال: إن الكتاب ليس هو لي، الله الله في أمري حتى أرجع إلى الملك، قال: ليس لكتاب الملك مراجعة، فذبحه وسلخه وحشا جلده تبنًا وبعث به، ثم عاد الرجل إلى الملك كعادته وقال مثل قوله ، فتعجب الملك وقال: ما فعل الكتاب ؟ قال : لقينى فلان واستوهبه منى فوهبته له ، فقال له الملك : إنه ذكر لى أنك تزعم أننى أبخر ، قال : ما فعلت ، قال: فلم وضعت يدك على أنفك قال: كان أطعمنى طعاما فيه ثوم ، فكرهت أن تشمه ، قال : قد صدقت ، ارجع إلى مكانك فقد كفاك المسىء إسائته. وروي عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال: سعى رجلان بمؤمن آل فرعون إليه، وقالا: إن فلانًا لا يقول إنك ربه، فأحضره فرعون وقال للساعيين: مَن ربكما، فقال: أنت، وقال للمؤمن: مَن ربك؟ فقال: ربي ربهما، فقال: سعيتما برجل على ديني لأقتله، لأقتلكما، وأمر بهما فقتلا، فذلك قول الله – عز وجل فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ﴾ غافر45 فعن جابر بن سمرة – رضي الله عنهما – قال: شكا أهل الكوفة سعدًا؛ يعني: ابن أبي وقاص – رضي الله عنه – إلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فعزله واستعمل عليهم عمارًا، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يُحْسِن يصلي، فأرسل إليه، فقال: يا أبا إسحاق، إن هؤلاء يزعمون أنك لا تُحسِن تصلي، فقال: أما أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا أخرج عنها، أصلي صلاة العشاء فأركد في الأوليين وأخفِّف في الأخريَين، قال: ذلك الظن بك يا أبا إسحاق، وأرسَل معه رجلاً – أو رجالاً – إلى الكوفة يسأل عنه أهل الكوفة، فلم يدع مسجدًا إلا سأل عنه، ويثنون معروفًا، حتى دخل مسجدًا لبني عبس، فقام رجل منه يقال له: أسامة بن قتادة، يكنى أبا سعدة، فقال: أما إذ نشدتنا، فإن سعدًا كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذبًا قام رياء وسمعة، فأطِل عمرَه، وأطِل فقرَه، وعرِّضه للفتن وكان بعد ذلك إذا سُئِل يقول: شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد. قال عبدالملك بن عمير الراوي عن جابر بن سمرة: فأنا رأيته بعدُ قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرَّض للجواري في الطرق فيغمزهن. وأهم سبل الوقاية من الوشاية :- هى إن كنت سامعا لا تسمع ، ولا تقبل مايحكيه الواشى ، وحاول أن تنهه عن وشاينه وإلا فابغضه ، وإن كنت الواشى فاعلم أن الله يبغضك ، ثم اسأل نفسك سؤالا هل ترضى ذلك لنفسك ؟ فإن رضيت فارض لغيرك وإلا فلا. حفظ الله مصر…شعبا …..وجيشا…..وأزهرا