ادم خضر.. يكتب : لماذا تفتن النساء بالأوغاد
في الآونة الأخيرة، لفت انتباهي وانتباه رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ما يحدث من أعمال العنف والقسوة تجاه النساء من قبل أزواجهن واكتظت الجرائد والمنصات الإخبارية بالكثير من الانفرادات المختلفة لمعرفة الأسباب والبواعث والمستجدات التي تتعلق بالأمر،
وكاد التلفاز ينفجر لكثرة المتحدثين في الشأن ذاته، وتباينت آراؤهم بشكل جلي وظاهر، فمنهم من وصف الرجال بأنهم وحوش ومنهم من وصفهم بالحمقى ومنهم من صرح بأنهم أوغاد.
أما أنا فتساءلت، لماذا تتمسك الزوجة بزوجها على الرغم من أنه طاغية؟، ولماذا تتعلق الفتاة بصديقها وهي تعلم أنه قاس وغليظ، لماذا تألفه وتشتهيه على الرغم من كونه وغداً، وما يثير الدهشة حقا، ما نراه أمام أعيننا من تجاوزات وصلت إلى حد الأذى والتشريد، بل والطرد أحيانا من بيت الزوجية، والكثير من مشاعر الخذلان والتخلي في العلاقات العاطفية، ثم تتحول الدهشة إلى حيرة وذهول عندما تتفاجأ بإحداهن تعانق شخصاً وتدعوه ببعلي، وهو أقل ما يقال عنه أنه برمجي في سوق المقاطير، وبالرغم من الخدوش التي رسمتها أظافره المقدسة على وجهها الملائكي، والكدمات التي نثرها في مواضع متفرقة في جسدها الكمثري، إلا إنها تجزم أنه جنة الله في الأرض، وأنه الفرحة التي اندست في حقل الأحزان!
وأنت أيها المسكين يا من ظللت تختلس النظرات إلى تلك الفتاة، تراقب تحركاتها بشغف مستور، تتسلل إلى حسابها في فيس بوك كاللصوص الظرفاء، وشردت بعقلك مئات المرات تتخيل يوم زفافكما، أتقنت صوت خطواتها كأنها لحن من ألحان فان بيتهوفن!، وتابعت عن كثب ما كتبته عن مواصفات فتى أحلامها، ثم تأخذك الحياة على حين غرة فتصدم بها في إحدى الحانات الشعبية، يدها تعانق يد أحد أشباح المنطقة الذي لطالما حاولت أن تتلاشاه لأنك تعلم أن ثمة أداة حادة لا تفارق فمه، وهنا يكمن الخذلان القاتل، خذلان الواقع المهلك، الذي تليه التساؤلات التي لم يألفها العقل، كيف حدث هذا؟ وشهادة الطب التي حصلت عليها، وبحثي الذي نال أرفع الأوسمة، والبدلة السموكن التي اشتريتها براتب شهر كامل!، أحقا فتى أحلامها هذا اللعين
ربما لم نر هذا الأمر إلا في بعض أفلام الثمانينات، عندما تنجذب ابنة زعيم المافيا ناحية الحارس الخاص بأبيها، وتتوق إليه في شيء يخلو من المنطق، فكيف لفتاة غارقة في النعيم، تأتيها السعادة من كل حدبٍ وصوب، أن تنخرط في تلك العلاقة الشائبة، وتتخلى عن المبادئ النقية مقابل لذة شيطانية زائفة، وإن كان التفسير مبهما في الماضي، فالسؤال يبقى راسخًا في الحاضر، لماذا تفتن المرأة بالرجال الأوغاد؟
هناك قلة من النساء الحمقاوات يتظاهرن على أنهن يبحثن عن الرجل المهذب المرموق، وهم في باطنهن يبتغين النقيض، يبتغين الساقط والزنيم الذي تتوغل الأنانية في شرايينه لأنهم يرون فيه الأسد الثائر الذي يُروض في إغراء وإثارة، أما المهذب يبقى دائما في وضع السكون، هامدًا لينًا ورزينا، مما يصيبهن بالفتور والتراخي، لأنه لا يرضخ لأساليب القمع والإذلال ويصعب ترويضه في المطلق، وهن أيضا يولعن بكل ما هو عات ومتمرد لأنه بذلك ينشأ حالة من التحدي والصراع الدائم الذي يترتب عليه إرواء لغريزتهم الكامنة في أعماقهن، وهن أيضا يعتقدن أن الضرب والإيذاء والتعذيب، علامات للحب السامي، حتى إننا نجد بعض الفتيات على الرغم من تحطيم قلوبهن مئات المرات، والتنكيل بهن على مرأى ومسمع الجميع، إلا إنهن لم ولن يحركن ساكنًا، بحجة أن من يحب عليه أن يتحمل، وأنا وأنت نعلم جيدا أن الحب بريء من تلك السخافات الزائفة، لكن الواقع يؤكد أنهن يهوين العذاب، مولعات بالصفع على وجوههن، يتغذين على عبارات السب والتشنيع.
ويبقى اللطف هو أفضل ما يكمن داخل النفس البشرية، هو من ينجينا من شرور أنفسنا وينتشلنا من الظلام الدامس وبقدر وجوده نسعد، فطوبى للطفاء وسحقا للأوغاد..