آدم خـضـر يكتب : ما بيننا وبين الخيال
إن ما يدعو إلى الاشمئزاز حقًا، هي تلك النظرة السخيفة المصوبة تجاه جيلنا الحالي كجيل فاشل وضعيف غير متحمل للمسئولية وأقل مرونة ممن كانوا قبلنا،
وفي الحقيقة قد أثار هذا تفكيري بشكلٍ كبير وجعلني أتساءل؛ عن أي فشل يتحدثون وعن أية مسؤولية؟ أم إن هذا وصفٌ نابع من الحقد الذي يملأ قلوبهم بسبب انغماس جيلنا بشكلٍ كبير في التكنولوجيا في حين أنهم كانوا يفتقرون إليها، أم إننا حقا جيل فاشل! وهنا لا أريد أن أعقد مقارنة بيننا وبينهم أي بين ”جيلنا وجيلهم ” لأن المعايير التي يقيمون بها جيلنا الحالي إنما هي معايير عبثية لا تصلح حتى أن تقدم على مسرح مدرسي، ولا أريد أن أتعمق في أمور سياسية أو اقتصادية لأصل إلى توافق واضح لأن من يصفوننا هذا الوصف، من المفترض أن يكونوا هم الأكثر وعيا والتحامًا بالماضي، هم الأكثر إدراكا لحجم الاضطرابات المجتمعية والسياسية التي نشأنا فيها، فنحن لم نرث إلا الشقاء والتعاسة والحرمان على عكس من ورث الاستبشار والانشراح والارتياح.
أما إذا أردت أن تعرف حقيقة جيلنا فما عليك إلا أن تراقب خياله جيدًا، ولسوف تجد أن هذا الخيال إنما هو سلاح الردع الذي نواجه به هذا الواقع المخيف ، هو جسر كبير إما أن يعبر بنا إلى بر السعادة والابتهاج وإما أن يهوي بنا في بحر من الوهم حتى نلقى حتفنا، وإذا أردت أن تشاهد أقبح نسخة لهذه الحياة فعليك أن تتخيل عالمنا بدون خيال، وأتمنى أن لا يأخذك عقلك إلى خيال الروايات والأفلام لأن خيالنا أبسط بكثير من هذا التحذلق والتكلف، فأغنية واحدة عن التفاؤل كفيلة أن تسافر بنا إلى المستقبل خمس سنوات.